بملامحَ تكاد تقفز الصرامة والحدة منها قفزاً، يعقد ساعديه أمام صدره، ولا يتوقف أبداً طيلة المباراة وهو يوجه ويصرخ وينهر.
لا يبدو إطلاقا أنه يعبأ بغضب أحد منه، ما دام يعرف جيدا هدفه، ويحترم عمله، ويجيد ما يفعله إلى أقصى حد.
يتعامل مع اللاعبين وكأنه أب ينهر،ويحنو، ويصرخ ويضمّ، ويعبس ويضحك.
هو الحسين عموتة، الإطار الوطني، الذي تمكن من تحقيق إنجاز تاريخي مع منتخب الأردن في كأس آسيا الجارية حاليا في قطر، بعد أن حقق التأهل إلى النهاية، أمام منتخبات قوية جدا، على رأسها العراق ثم كوريا الجنوبية.
نجحَ عموتة في زرع روح جديدة بدت واضحة في عطاء لاعبي الأردن والإرادة التي تفجرت من نفوسهم ثم أقدامهم، ليصنعوا تاريخا كرويا جديدا لبلد النشامى.
نجحَ عموتة في انتزاع كلمات الإعجاب من طرف الأسطورة الألمانية يورغان كلينسمان، مدرب منتخب كوريا الجنوبية، والذي لم يجد أمامه بدا من تمني حظ موفق لعموتة الذي انتزع التأهل من بين أصابعه.
لكن مسار عموتة لم يكن مشرقا هكذا دائما طبعا، فقد شهد فترات إحباط وفشل، كما شهد فترات تألق وتميز، كما هي عادة كرة القدم.
ولد عموته في 24 أكتوبر 1969 بمدينة الخميسات في المغرب، وبدأ مسيرته الرياضية كلاعب مع نادي اتحاد الخميسات عام 1988.
وبعد مسار طويل فوق المربع الأخضر، بدأ عموتة مسيرته التدريبية مع ناشئي نادي اتحاد الخميسات سنة 2003.
وفي سنة 2011، أصبح المدير الرياضي لنادي السد القطري، قبل أن يتم تعيينه بديلاً للمدرب خورخي فوساتي في سنة 2012.
سنة 2017، تعاقد عموتة مع نادي الوداد الرياضي لمدة موسم ونصف، حيث حقق معه لقبي الدوري المغربي ودوري أبطال أفريقيا، قبل أن يتم تعييينه، في دجنبر من سنة 2019، مدربا للمنتخب المغربي للمحليين، والذي حقق معه بطولة كأس أمم أفريقيا للمحليين عام 2020 بالكاميرون.
في يونيو من سنة 2023، أعلن عن تعاقد عموتة مع منتخب الأردن، ليبدأ الرجل مساراً جديدا ونادراً، باعتبار أن الأطر المغربية قلما دربت منتخبات عربية، إلا في حالة قليلة جدا.
لفت عموتة الأنظار إليه، يوماً، عندما سأل أحد الصحافيين يوماً "لماذا تسألني بالفرنسية؟"، مبديا موقفا واضحا من اللغة التي ينبغي أن تتم مخاطبته بها باعتبارها اللغة الأم، موردا بقوله حينها "اللغة العربية هي لغة القرآن، عاد ندوزو للفرنسية والإنجليزية والإيطالية".
سطع اسم عموتة خصوصاً، في كأس آسيا، عندما تمكن من انتزاع تأهل جنوني من منتخب العراق القوي في كأس آسيا الحالية، وهناك التفتت الأنظار إلى هذا الرجل العابس جدا والصارم، والذي سرعان ما تتحول ملامحه عند تحقيق النصر.
كما كان لعموتة أيضا موقف صارم من اللاعب الأردني حمزة الدردور، بعد أن قام الأخير بحركة مستفزة أمام دكة بدلاء المنتخب العراقي، وهو ما رفضه عموتة تماما وصرخ في وجه اللاعب وكاد يحتكّ معه لولا طرده من طرف الحكم أولا، ثم من طرف الاتحاد الأردني الذي آثر الإبقاء على عموتة والاستغناء عن الدردور.. وخيراً فعل !
وتحقيق النصر بالنسبة لعموتة لا يتأتى بتسجيل هدف أو اثنين، فهو يحافظ على تماسكه بشكل كبير، إلا غاية إعلان صافرة النهاية، حينها يطلق العنان لمشاعره، وتصبح ملامحه أكثر طلاقة ويضحك في وجوه الجميع، وربما وجوه من لم يثقوا فيه يوما أيضا !